عندما بدأ عكر العبيدي المصارعة في سن السادسة، لم يتخيل أبدًا أن الرياضة ستكون يومًا ما تذكرته لبناء حياة جديدة.
تنافس الشاب العراقي من أجل المتعة فقط لكنه أظهر إمكانات هائلة. بدأ العبيدي الفوز في بطولات الناشئين وجذب انتباه الدول الأخرى التي أرادت ضمه إليها. لكن عندما بلغ الرابعة عشرة من عمره، توقفت المتعة فجأة.
سيطرت جماعة "الدولة الإسلامية" المسلحة على مسقط رأسه الموصل، وبدأت في تجنيد الصبية في سنه، مما اضطره للهروب من البلاد.
"لم أكن أرغب في المغادرة، لكن كنت مضطرًا لذلك". قال العبيدي البالغ من العمر 21 سنة. "كانت تجربة مخيفة للغاية. لم أكن أعرف إلى أين سأذهب أو إلى أين سينتهي بي الأمر. انفصلت عن عائلتي واتبعت مجموعة أخرى. كنت أخشى ألا تنجو أسرتي من الحرب. كان علي أن أعتني بنفسي.
"كان الوضع صعبًا للغاية، خاصة من الجانب النفسي، مما اضطرني لمراجعة الأطباء لمعرفة ما حدث لي"
شق العبيدي طريقه إلى أوروبا وحصل في النهاية على حق اللجوء في النمسا.
تابع: "لم تكن خطتي القدوم إلى النمسا". "لم أسمع بها من قبل. لكن انتهى بي الأمر هنا لأننا لم نتمكن من المغادرة".
التحق المراهق بمدرسة متوسطة في وطنه الجديد، حيث تعلم أساسيات اللغة الألمانية. لكن بدون عائلة ترشده، كان على العبيدي أن يكافح بمفرده لبناء حياة جديدة.
قال العبيدي: "هناك العديد من الصعوبات التي تعتري حياة اللاجئ". "تعبئة الاستمارات والتأشيرات، التحدث إلى المؤسسات الحكومية لإثبات أن لك الحق في البقاء في البلد وأكثر. كل هذا صعب، خاصة باستخدام لغة ليست لغتك الأم".
"موهبتي فتحت لي أبوابًا كثيرة وتكوين صداقات كثيرة في عالم المصارعة".
بحثًا عن السعادة، عاد العبيدي إلى بساط المصارعة واكتشف أنه لا يزال يتمتع بمهارات جبارة، حتى في هذه الظروف الجديدة عليه.
عندما ينتهي من عمله في طلاء المنازل، يواصل المصارع اليوناني الروماني التدريبات. بعد عامين، أقنعه بنديكت "مو" إرنست بالانتقال إلى قرية إنزينج الجبلية الصغيرة لمواصلة التدريب بدوام كامل.
كان ذلك تغييرًا جذريًا في حياة الشباب العراقي الذي اعتاد صخب المدن الكبرى.
أعد إرنست شقة لتلميذه ليعيش فيها وسرعان ما استقطبت موهبة العبيدي انتباه الأندية المحلية الأخرى. ساعد ذلك ابن الموصل على الاستقرار، وبعد خمس سنوات، أصبح يجيد اللغة الألمانية.
قال: "كونت بعض الأصدقاء النمساويين الذين ساعدوني حقًا". "أنا أحب النمسا، فهي بلد جميل للغاية. الطعام رائع وأنا أحب الجبال. أشعر كأنني في موطني الآن. الرياضة، قبل كل شيء، ساعدتني على الاستقرار. فتحت موهبتي أبوابًا كثيرة أمامي وتكوين صداقات كثيرة في عالم المصارعة".
حلم طوكيو
بعد تقديمه عروضًا رائعة على المستوى الدولي للناشئين، تمت دعوته إلى معسكر تدريبي مع البطل الأولمبي الصربي في وزن 66 كج، دافور ستيفانيك.
قال العبيدي: "شعرت بأنني مصارع جيد أمامه". ثم فكرت "أتمتع بالمستوى الذي يؤهلني للفوز بميدالية في طوكيو 2020”.
رسم الحلقات الأولمبية الخمس على أحد جدران منزله، ليتذكر طموحه كل يوم: المنافسة في طوكيو 2020.
وبعد ذلك، في أحد الأيام من عام 2019، خطى خطوة كبيرة لتحويل حلمه واقعًا: حصل على منحة اللاجئين الرياضيين من قبل اللجنة الأولمبية الدولية. هذا يعني أنه سيستفيد من الدعم المادي والتدريب للمنافسة في الألعاب الأولمبية.
قال: "أنا سعيد جدًا بحصولي على منحة اللاجئين الرياضيين". "حتى لو لم يكن لدي جنسية في الوقت الحالي، سيكون من الجيد إثبات أن اللاجئين يمكنهم التنافس والنجاح أيضًا".
يتواصل المصارع مع عائلته الفخورة جدا به. إذا حقق حلمه بالمشاركة في الألعاب الأولمبية، فسوف يشارك من أجل كل نازح في العالم.
"أحاول أن أكون صوتًا. أريد أن أثبت أن اللاجئين ليسوا أشخاصًا سيئين. لا ينبغي دائمًا اعتبارنا سيئين وربطنا بالجوانب السلبية. نريد أن نظهر أنه للأجانب مآثر جيدة يقدموها، وأن يمكنهم التفوق في الرياضة والفوز بميداليات".